تعتبر الجذور الحرة جزيئات من الأوكسجين قد خسرت إلكتروناً أثناء قيام جسمنا بوظائفه العادية المتعددة كالتنفس أو هضم الطعام ، فتبقى بالتالي غير مستقرة إلى أن تتحد مع إلكترون تضطر لسرقته من إحدى الجزيئات الكاملة المجاورة لها . يكون هذا النظام عادة في توازن تام ، مع إبقاء عدد الجذور الحرة بنسبة مستقرة بالنسبة لعدد الجزيئات الكاملة حسب ما طرحه الدكتور تيري ج دوبراو في كتاب علاج حب الشباب .
لكن بوجود بعض العوامل الخارجية كالتعرض الطويل لأشعة الشمس ، أو دخان السجائر ، أو ملوثات أخرى ، ترتفع نسبة الجذور الحرة في هذا النظام . وفي ظل هذه الظروف ، تتمكن الجذور الحرة من القضاء على مادة الإيلاستين الموجودة في الجلد متسببة بترهل مبكر يؤدي إلى ظهور أولى بوادر الشيخوخة .
الجذور الحرة مسببة لعديد الأمراض
اكتشف العلماء الجذور الحرة منذ مدة طويلة واتهموها بكونها إحدى الأسباب التي ساهمت في الإصابة بعدة أمراض. لكن الإحاطة بكيفية عملها والأذى الناتج عنها لا يزال ناقصاً نسبياً حسب كتاب علاج حب الشباب . نعلم فعلاً أن الجذور الحرة تبدو وكأنها تهاجم كل جزء من الخلية البشرية بدء بالنواة, حيث يتجدد الحامض النووي الريبي المنقوص من الأكسيجين مرورا بالدهون التي تترسب داخل الخلايا, وصولاً إلى الغشاء الخلوي .
إلا أن الجدل العلمي يكمن في تساؤلنا حول العوامل المؤدية إلى الشيخوخة التي تظهر على أجسادنا ، سيما على جلدنا ، ما إذا كانت بالدرجة الأولى نتيجة الأذى الذي تتعرض له نواة الخلايا , وبالتالي الـ DNA الذي يتجدد هناك ,أو نتيجة الأذى الذي تتعرض له الطبقة الخارجية للجلد ، حيث تكون الخلايا كثيفة جداً فتصبح بالتالي ، وهذا الأمر يبقى موضع جدل ، أكثر عرضة لهجوم الجذور الحرة . يبدو أن الجدال يميل لصالح هؤلاء الخبراء الذين يؤمنون بأن المنطقة الأخيرة تكتسب أهمية كبرى بالتسبب بشيخوخة الجلد ، فمن المرجح أن كلا العاملين فعّالان .
مضادات التأكسد ودورها في محاربة الجذور الحرة
في مطلق الأحوال، لا شك في أن الجذور الحرة تسبب فعلاً شيخوخة الجلد. حيث إن الجذور الحرة هي جزيئات حرة في بحث دائم عن إلكترون آخر تميل إلى انتزاعه من إحدى الجزيئات الكاملة الموجودة. تبقى الطريقة المثلى التي تحول دون وقوع هذا الضرر في تغذية هذه الجذور الحرة بالإلكترون الإضافي الذي تحتاجه .
وهذا ما تقوم به مضادات التأكسد . إن استعمال مضادات التأكسد على نحو موضعي وداخلي، يعتبر أحد المتطلبات الأساسية للحفاظ على جلد سليم خال من العد أي حب الشباب.
هل أن أجسادنا قادرة على محاربة الجذور الحرة؟
في معظم الحالات ، أدى تطورنا إلى إكساب جسمنا مقاومة عالية للبيئة المحيطة بناء كما أن الجذور الحرة لم تكن تعتبر مشكلة في الماضي . فدخان السجائر والملوثات التي سببها الإنسان لم تكن موجودة لذا فإن أجسامنا لم تتطور لمحاربتها. غير أن الشعاع فوق البنفسجي كان موجوداً كما هو موجود اليوم. لكن أجدادنا لم يعمروا طويلا بشكل كاف كي يتعرضوا لأذى هذا الشعاع. فالقليل فقط من الناس يعانون من التجاعيد القاسية قبل سن الأربعين، والقليل منهم فقط في تاريخنا التطوري قد تخطى هذه السن. ربما وبالقدر نفسه من الأهمية ، ينتابنا الشك أن أجدادنا الذين عاشوا في مرحلة ما قبل التاريخ قد أمضوا وقتاً أطول في التشمس لاكتساب السمرة ، وهي للأسف عادة منتشرة في الحضارة الحديثة .
و للجواب عن السؤال الذي يتناول مسألة عدم تطور أجسامنا لمحاربة الجذور الحرة ، فيقتصر على اعتماد الإنسان آنذاك على الأطعمة الطازجة أو غير المطهوة التي
تحتوي على كمية كبيرة من مضادات التأكسد التي تحارب الجذور الحرة أكثر مما تفعل الأطعمة المعالجة . من ناحية أخرى ، يعتبر الطعام الحديث المعالج ضرورياً للحفاظ على صحتنا . فلنأخذ مثلاً الحليب المعالج الذي أدى إلى انتشار وباء السل على نطاق واسع وكان على مر تاريخ البشرية خطر قاتل . لكن الطعام المعالج يخفف نسبة مضادات التأكسد التي نستهلكها . وبما أن أجدادنا التطوريين قد عاشوا فقط على الأطعمة غير المعالجة أو الأطعمة الكاملة ، فإن أجسامهم كانت ربما مؤهلة بشكل أفضل من أجسامنا لمقاومة الجذور الحرة .