التفكير المفرط و الأفكار الوسواسية

28/06/2022   Santé mentale   3526  
Dr Faten Amdouni

التفكير المفرط و الأفكار الوسواسية

التفكير المفرط و الأفكار الوسواسية

التفكير هو نشاط دماغي يتميز به الإنسان ليتمكن من التأقلم في محيطه و حل مشاكله و إيجاد حلول لها بطريقة عقلانية و ناجعة و لكن يحدث أن يوضع الشخص في وضعية معينة تجعل تواتر الأفكار يفوق العادة ينغمس في التفكير و فسرت الدكتورة فاتن عمدوني طبيبة مختصة في الطب النفسي والادمان انه يجب ان يكون هذا التفكير المفرط لفترة وجيزة و استجابة لوضعية معينة حتى لا يصبح حالة مرضية .

وتبعا لذلك يتحول التفكير المفرط حسب الدكتورة فاتن عمدوني الى حالة مرضية عندما تصبح الحالة مرافقة للشخص على طول اليوم و لمدة تدوم أكثر من شهر وتكون مصاحبة ببعض التقلقات النفسية و الجسدية الأخرى مثل اضطراب النوم و آلام في الرأس و قلق متواصل اضافة الى ان هذه الافكار تصبح متناهية السرعة و غير منظمة و بدون هدف واضح و تتحول لمجموعة من الأفكار التي تعيق الشخص عن أداء مهامه اليومية ويصبح الشخص تبعا لذلك اسيرا لها و غير قادر على التخلص منها .

و عادة ما يرتبط التفكير المفرط بسلم زمني يشمل المستقبل و الحاضر و الماضي.

  • بالنسبة للتفكير في المستقبل فإن هذه الأفكار ترد على الشخص في الأول مرة في الشهر و عابرة و تتحول بعد ذلك لمرات عدة في الاسبوع الى ان تصبح يومية و يصبح الشخص متعايشا مع تلك الافكار الى ان يصبح انعكاس التصرفات الناتجة عن تلك الأفكار مزعجا لمحيط المريض لأنه سيقوم بتكرار الاسئلة و الطلبات عديد المرات في يوم واحد ،و ينتمي هذا النوع من التفكير لأمراض التوتر و التي تمس أكثر من نصف المجتمع غير أن علاجها متوفر و الشفاء منها مضمون
  • أما فيما يخص التفكير في الماضي فيشمل الاشياء التي قمنا بها سابقا والتي يمكن ان تشمل عديد الامراض لكن أبرزها هو الاكتئاب ، فنجد الإنسان يستحضر ما قام به في الماضي و يقوم بانتقاد نفسه حتى يتحول هذا الإنتقاد بطول الزمن الى نوع من جلد للذات و تأنيب الضمير و الذي يدل على حدة الاكتئاب

فنجده دائما يعيد التفكير فيما سبق و ينظر لنفسه بطريقة سلبية و يتسم هذا الشخص بالحزن و يصبح كارها للحياة و في بعض الأحيان ينعزل عن المجتمع او يصبح عنيفا في تصرفاته و عند بعض الأشخاص وخاصة النساء فإنهن يفضلن الهدوء والصوت الخافت و يعانين من آلام رأس مزمنة.

وبين الحالات التي تخص الماضي كذلك الأشخاص الذين تعرضوا لصدمة سابقة مثل اللذين عاشوا حروبا او عمليات ارهابية ، فان هذه الحوادث تخلق لديهم ، حسب شخصية كل فرد، نوعا من الضغط و الصدمة ويفسر ذلك بأن الوضعية او الموقف حدث بصورة مفاجئة تبعا لذلك و لم يقم الدماغ بتخزين المعلومة و تصبح الوضعية مولدة لضغط كلما افتكرها الشخص حين تعود إليه و يستحضرها في شكل ومضات الى ان تصبح ملازمة له في الليل والنهار وتكون عادة مصحوبة بحالات من الخوف و الرعب.

و إذا ما تطورت هذه الأعراض لمدة تتجاوز الاربعة أسابيع فإنه وجب مراجعة الطبيب ، و تندرج هذه الوضعية في إطار ما يعرف باضطراب ما بعد الصدمة.

و يتعلق التفكير المفرط و الأفكار الوسواسية بالنسبة للحاضر بأفكار مفروضة على المريض و تراوده كثيرا ولا تستطيع التحكم فيها و إيقافها مثل الأشخاص الذين يعودون للبيت للتثبت من انهم أقفلوا الغاز أو الباب إلى أن تصبح هذه الفكرة ملازمة لهم طول النهار فتعيقهم عن واجباتهم اليومية و تندرج هذه الأعراض في إطار الوسواس القهري .

و في حالات أخرى ترد هذه الافكار على شكل بركان من الافكار و تنفجر فجأة و لا يستطيع المريض تنظيمها و لا يستطيع القيام بها في تلك اللحظة او بعدها لأنها تفوق امكانياته سواء العلمية أو المادية اوالفكرية والجسدية ، و يصبح الشخص يعاني من الأرق و لا يثبت في مكان يكون سريع الحركة و يتنقل من مكان إلى آخر و يصبح الدماغ ينتج أفكارا تنهال على المريض كالمطر وتبعا لهذه الأعراض فإن المريض يعاني من مرض ثنائي القطب .

و فيما يخص الأشخاص الذين يعانون من اضطرابات في الشخصية وخاصة الشخصية الانطوائية الذي بطبيعته ليست لديه حياة اجتماعية و ينغمس في أفكاره و يعيش معها و تتسم هذه الافكار عادة بأن بداياتها معقولة لكن تطورها و نهايتها غير واقعية أو مستحيلة و تشمل الأفكار الميتافيزيقية و الوجودية و العدمية و تصيب هذه الحالة الاشخاص في الفئة العمرية بين العشرين والثلاثين سنة .

و أكدت دكتورة فاتن عمدوني طبيبة مختصة في الطب النفسي والادمان ان استهلاك الكحول المخدرات بجميع انواعها تتسبب في التفكير المفرط و الأفكار الوسواسية لأنها على امتداد فترة استهلاكها تولد نسقا سريعا في الأفكار وتؤدي للهذيان وتأثر بشكل كبير على الجهاز العصبي وتتسبب في موت الخلايا و الوصلات العصبية .

وأكدت الدكتورة عمدوني أن التفكير المفرط مضاعفات نفسية وجسدية :

بالنسبة للمضاعفات النفسية

فتتمثل في الحزن والقلق والاكتئاب والانعزال عن العالم التي يمكن أن تصل لحد الانتحار

بالنسبة للمضاعفات الجسدية

فتتمثل في آلام الرأس والإرهاق ، ضعف في المناعة ، حساسية مفرطة ، آلام في المعدة و ارتفاع ضغط الدم و السكري الخ

و بالنسبة للعلاج ، نصحت الدكتورة بعدم تضخيم المشاكل ومحاولة إيجاد الحلول و تجاوز العقبات و محاولة كتابة كل الأفكار المرهقة وتصنيفها من المهمة إلى الأقل أهمية و التفكير فيها كل على حدة حتى لا تنها ل الأفكار و يصعب تبعا لذلك ايجاد حل لها جميعا.

و نصحت الدكتورة فاتن عمدوني ، بإتباع نظام غذائي متوازن و تنظيم أوقات النوم و كما نبهت الدكتورة من أنه إذا فاتت سرعة الأفكار و الحركية المفرطة و التصرفات غير المنظمة والغير مفهومة اسبوعا فإنها تعتبر حالة استعجالية ووجب إستشارة الطبيب بسرعة وبالنسبة لحالات الاكتئاب أكدت الدكتورة إنه لا يجب أن تستمر لاكثر من اسبوعين و بالنسبة للخوف من المستقبل إذا ما تجاوزت الاربعة اسابيع فيجب الذهاب للطبيب لمعالجة الأمر .

وبعد استبعاد أي أمراض عضوية يمكن أن تتسبب في تفكير مفرط او اكتئاب فإن العلاج يتمثل في علاج دوائي مثل مضادات الاكتئاب و معدلات المزاج و العلاج السلوكي المعرفي ..


Envoyer à un ami
sms viber whatsapp facebook

Découvrez notre application
pour une meilleure expérience !
Google Play
App Store
Huawei AppGallery